مواجهة عصر الظلام: قاعدة بيانات للمتضررين.. وملابس قطنية بتنور


هجوم الصيف الحار الخانق تزامن هذا العام مع انقطاع التيار بشكل متكرر ولساعات طويلة وفى أماكن مختلفة ودون تمييز، ما استدعى عدداً من المبادرات قادها نشطاء مواقع التواصل الاجتماعى من المواقع الإلكترونية إلى أرض الواقع، بهدف مواجهة الأزمة، أولى هذه المبادرات أطلقها النشطاء من خلال «هاشتاج» على موقع «تويتر»، هدفه ليس سياسياً ولا السخرية من انقطاع التيار، فـ«هاشتاج النور قطع» يهدف إلى إنشاء قاعدة بيانات كبيرة بمواعيد انقطاع الكهرباء والأماكن، وهو ما تحول بعدها لحملة على الأرض أطلقها النشطاء بهدف تصميم برنامج يتنبأ بمواعيد انقطاع التيار «ياريت كل واحد يدخل يكتب محل سكنه وبياناته ومنها عدد ساعات انقطاع التيار وتوقيتها بدقة ودون مبالغات».

تفاعل العديد من رواد الموقع الشهير مع الهاشتاج محاولين الإسهام فى تحقيق الهدف، وجاءت معظم التدوينات متناسقة مع أهداف الحملة، شرح فيها النشطاء أماكن وأوقات انقطاعات التيار، بالإضافة إلى القليل من «التويتات» التى جاءت لتسخر من الوضع الحالى «النور قطع فى الحى الثامن الساعة ٢» «من 2 إلى 2:45 الظهر بالخارجة فى المطرية» «عادة بيقطع فى شارع العريش - الهرم كل يوم من 8 لـ 9».

يوسف مصطفى، أحد منشئى الحملة، يؤكد أن الهدف منها رسم خرائط للمناطق المظلمة على مستوى الزمن وإبلاغ المواطنين بها ليستعدوا لعمليات قطع التيار «يحضروا شمع أو يمشوا من المنطقة اللى الكهرباء هتقطع منها».. يؤكد مصطفى الذى يعمل محاسباً بإحدى شركات القطاع الخاص أن هدف الحملة «نبيل ولا يدعو للسخرية» قائلاً «نتعامل مع الأمر الواقع ونحاول إيجاد حلول» مشيراً إلى أن مشتركى الحملة سيبلغون المستشفيات والمناطق الحيوية بتوقيتات قطع التيار لإيجاد بديل «بدل ما الأطفال يموتوا فى الحضانات أو مرضى الفشل الكلوى يموتوا على الأجهزة، نبلغهم قبلها ويستعدوا».

وإيماناً بمبدأ «كلنا فى الهم سواسية» وضعت الصفحات الإخوانية على مواقع التواصل الاجتماعى خريطة لانقطاع الكهرباء حول العالم، لتؤكد أن الأزمة ليست مصرية فحسب، بل تشاركها كل دول العالم من السعودية وعمان والإمارات شرقاً إلى جنوب أفريقيا جنوباً وحتى القارة الأسترالية.

«كيف ترشد الطاقة» منشور الشركة القابضة للكهرباء الذى سارعت صفحات الإخوان لنشره، مع تحليل وشرح مبسط لتاريخ مشكلة الكهرباء فى مصر «الحكاية بدأت بـ5 ملايين مشترك سنوياً ينضمون إلى مستهلكى الطاقة الكهربائية فى مصر، يعنى الموضوع ملوش علاقة بمرسى خالص» حسب هذه الصفحات.

روابط الحملات العالمية لترشيد استهلاك الكهرباء والمياه فى جميع أنحاء العالم كانت دليل الصفحات الإخوانية لتأكيد أن انقطاع الكهرباء بات مشكلة عالمية تسعى جميع الدول إلى زيادة وعى مواطنيها بشأن ثقافة الاستهلاك، وهو ما علق عليه النشطاء «لو الدول دى بترشد الاستهلاك فعلاً أكيد مش هيبقى زى الطريقة المصرية».

وأضاف النشطاء «طب هنستحمل فى بيوتنا ونرشد لكن معقول الأوتوستراد كله مفيهوش عمود نور، وشارع الهرم كله ضلمة.. ده بقى بيحصل فين فى الإمارات ولا فى أستراليا»، وهو ما رد عليه د.أكثم أبوالعلا المتحدث الإعلامى لوزارة الكهرباء بأن ترشيد الاستهلاك أصبح سياسة عالمية بالفعل، خاصة بعدما أطلق عدد من الدول حملات مشابهة لما يتم فى مصر، مؤكداً أن تخفيض الكهرباء يتم فى الشوارع والطرق أيضاً، لكن بشكل مختلف وسيتم مراجعة هذا مع هيئة الطرق والكبارى «ما ينفعش نقفل الأنوار بالليل فى الطرق الرئيسية فعلا ونسيب أنوار كتير بتهدر فى عز الضهر.. مش هنحل مشكلة على حساب أرواح الناس».

على صفحة «كلنا خالد سعيد» حظيت الصورة بأكبر كم من التعليقات، كانت لشاب عشرينى غير مصرى يعصب رأسه بإيشارب حريرى بعد أن ربط فى منتصفه مصباحاً يضاء بالبطاريات، حتى يتمكن من المذاكرة فى وقت الامتحانات، اعتبرها الشباب قدوة وسخرية فى آن واحد من مشروع النهضة «ده الاقتراح اللى هتتبناه حكومة مشروع النهضة السنة دى بعد النجاح منقطع النظير للملابس القطنية السنة اللى فاتت، ويبقى تحت بند الاستفادة من تجارب الدول الناهضة فى إيجاد حلول ابتكارية للتغلب على مشكلة انقطاع التيار أثناء الامتحانات».

أدمن «خالد سعيد» وضع اقتراحاً ساخراً: «ممكن كمان نبدأ نصنع فانلات داخلية فيها خاصية الـ(built in)، بجانب إنها قطنية هتبقى مجهزة تجهيزاً احترافياً لوضع المصباح الذى يعمل بالبطارية داخلها وهنطلق عليها فانلة (أنوار).. ولجأ المواطنون إلى نشر حلولهم السريعة والعملية لمواجهة انقطاع التيار، منهم هشام حمدى الذى روى تجربته: «نزلت ذاكرت فى الشارع وشغلت كشاف العربية بتاع أخويا»، بينما رأت سيدة أربعينية مدى براعة الفكرة «أنا هقول لبنتى تعمل كده.. مدام هنفضل على الحال ده كتير».